الجمعة، 15 مايو 2009




مع مرور الذكرى الـ61 لنكبة الشعب الفلسطيني واحتفال اليهود المحتلين بما يسمونه "عيد الاستقلال"، فإن الذاكرة الفلسطينية ترفض أن تنسى تلك النكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني عام 1948م؛ حيث ارتكبت قوات الاحتلال عشرات المجازر والمذابح من أجل طرد الفلسطينيين من أراضيهم، والاستيطان بدلاً منهم، وانتهاج أسلوب العربدة والتمرد للحصول على الأرض.مع حلول الذكرى الـ61 للنكبة فإن الفلسطينيين، لا سيما الكبار منهم، يرفضون فكرة التوطين أو نسيان حق العودة، ويؤكدون في مجالسهم أن العودة مرتقبة، وما هي إلا مسألة وقت.تشريد وقتل وصراخالحاجة فاطمة السردي المهجَّرة من بلدة برقة الفلسطينية طُردت من أرضها وبلدها ودارها عنوة على يد العصابات الصهيونية تحت قوة السلاح عام 1948م؛ ليس لشيء سوى أنها فلسطينية؛ حيث تصف الحاجة فطوم -كما يسمونها- لمراسلنا صعوبة أحوالهم إبَّان النكبة وتروي قصتها والدمعة لم تفارق علينها قط، فتقول الحاجة فطوم: "دخلت عصابات اليهود بلدتنا وقتلت من قتلت بدمٍ باردٍ، وتمكن نصفنا أو أقل من الإفلات من بطش الاحتلال وعصاباته المجرمة التي كانت تريد أن تقتلنا جميعًا عن بكرة أبينا.. لقد سمعنا صوت الرصاص، وكان قريبًا منا، وكنا نسمع بالتزامن صوت الناس تصرخ والأطفال يبكون والنساء تستغيث".حرب إبادةوتضيف الحاجة "فطوم" التي لا تزال تحتفظ ببعض مقتنيات بلادها المغتصبة: "بصراحة.. لقد كان الخوف يدب في أوصالنا وينخر في عظامنا.. إننا فعلاً تعرَّضنا لحرب إبادة حقيقية، كان اليهود يقتلوننا دون شفقة، ولعل الذي زاد من خوفنا ما كنا نسمعه من أن اليهود قد تمكَّنوا من قتل العديد من النساء الحوامل وبقروا بطونهن، وتحت تهديد السلاح فقد تمكّنت قوات الاحتلال من تشريد الغالبية العظمى من أهالي برقة، وهذا قدر الله الذي جاء بنا إلى بلاد العزة غزة".لا نسيان ولا تعويضوعلى الرغم من مرور 61 عامًا من التشريد على أبناء الشعب الفلسطيني، فقد يظن الاحتلال أن الفلسطينيين قد نسوا أرضهم وبلادهم التي هاجروا منها عنوة وتحت تهديد السلاح، إلا أن الكلمات التي كانت تنطق بها الحاجة فطوم تؤكد أن حق العودة غير قابل للتنازل أو التفريط فيه، وغير قابل للنسيان أو التوطين، وهي التي رفضت أن تتنازل عن أرضها هناك وقالت: "لن أدع للتاريخ أن يسجِّل أنني تنازلت عن أرضي لليهود الملاعين".وتعوِّل الحاجة فطوم على رجال المقاومة الفلسطينية كثيرًا، معتبرةً أنهم وحدهم من يمكن أن يعيدوا البلاد، على اعتبار أن اليهود لا يفهمون إلا لغة واحدة؛ هي لغة النار والحديد.ملف ساخنوبالنظر إلى حق عودة اللاجئين وقضيتهم، فإن هذا الملف يعتبر أكثر الملفات سخونة، والتي تتعلق بأهم الثوابت الفلسطينية التي يتمترس خلفها الشعب الفلسطيني بأكمله؛ حيث يُعتبر هذا الملف هو الأكثر تعقيدًا؛ لكونه يتعلق بمصير ثلثي أبناء الشعب الفلسطيني؛ حيث يمثل حق العودة للفلسطينيين قاطبة إجماعًا وطنيًّا.يُذكَر أن عدد لاجئي 48 ونازحي 67 وفقًا لتقديرات فلسطينية رسمية ما يقرب من ستة ملايين فلسطيني؛ يعيش 42% منهم في دول الطوق المحيطة بفلسطين، فيما يقيم 46% في مخيمات الضفة وقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م.الغالبية الساحقة سيعودونووفقًا لأحدث استطلاعات الرأي، فإن 89% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان -على سبيل المثال- يؤمنون بإمكانية تحقيق حلمهم بالعودة إلى وطنهم.ووفقًا للاستطلاع الذي أجراه "مركز بيروت للأبحاث والمعلومات"، والذي اشتمل على 500 فلسطيني مستطلَعة آراؤهم، فإن 89% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أكدوا لدى سؤالهم عن إمكانية تحقيق العودة إلى فلسطين ولو بعد حين، أنهم يرون إمكانية تحقيق العودة ولو في أجيالٍ لاحقةٍ، في حين قال 11% فقط من المستطلعة آراؤهم إنهم لا يرون هذه الإمكانية، بينما قال 61.8% من المستطلعة آراؤهم إن المقاومة هي الوسيلة المثلى لتحقيق العودة، فيما شدد ما نسبته 87.6% على رفضهم القاطع لفكرة التوطين ونسيان حق العودة.التمسك بحق العودةومع مرور الذكرى الأليمة، فإن اللاجئين الفلسطينيين المشردين من أراضيهم يستعدون لإحياء ذكرى نكبتهم التي حلَّت بهم عام 1948م؛ ففي قطاع غزة الذي يتعرَّض لأشرس حصارٍ معاصرٍ مثلاً يُجمع اللاجئون على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وأجيالهم على التمسك بحق العودة إلى أراضيهم التي شُرِّدوا منها، ويؤكدون أن هذا الحق لا يمكن نسيانه أبدًا، ولا يمكن القبول بالتعويض مقابل التنازل عنه.ولا يزال أطفال المدارس يذكرون أسماء بلداتهم التي هجِّر منها آباؤهم وأجدادهم تحت تهديد السلاح، معبرين عن تمسكهم بحقهم في بلادهم وبلاد أجدادهم بكلماتٍ رقيقةٍ وأناشيد قصيرة تذكرهم ببلداتهم.وتكثف المدارس الابتدائية والإعدادية الإذاعات المدرسية والنشاطات الطلابية الأخرى كالمعارض والندوات والحصص والحفلات من أجل تذكير تلك الأجيال بالنكبة المشؤومة."مؤتمر بال" في سويسراوتعود الذاكرة إلى عام 1897م وقت انعقاد "مؤتمر بال" في سويسرا؛ حيث قال ثيودور هرتزل أحد غلاة الصهاينة قولته المشهورة: "الآن بعد انتهاء هذا المؤتمر أستطيع أن أقول إن دولتنا ستقوم بعد خمسين سنة من الآن"، وكان له ما أراد؛ فبدعم قوى الشر والطغيان والاستعمار وتحالفها، ونخص بالذكر الاستعمار البريطاني والصهيونية العالمية، احتل الصهاينة أجزاء من فلسطين وأقاموا دولتهم المزعومة على الجزء المغتصب من فلسطين في العام 1948م بزعامة بن غوريون رئيس الوزراء الصهيوني في ذلك الوقت.شتى أساليب القتل والإرهابوقد انتهجت عصابات اليهود المجرمة في هذه النكبة شتى الطرق والأساليب من إرهابٍ وقتلٍ جماعيٍّ وتشريدٍ، وتهجير سكان البلاد الأصليين (الشعب الفلسطيني)، ومجزار دير ياسين وقبية والسموع خير دليلٍ على إرهابهم وأساليبهم الوحشية، ولم يكتف الصهاينة بذلك، بل إنهم عمدوا إلى تدمير قرى ومدن فلسطينية بأكملها، وما أكثرها!، ومحوها من الوجود وأقاموا عوضًا عنها قراهم ومدنهم وسمَّوها أسماء مختلفة لا تمت بأية صلة للقرى والمدن المدمَّرة التي بلغت حوالي 468 قرية.

ليست هناك تعليقات: